
كشف الكتاب الأبيض لعام 2024 حول الجريمة، الذي أصدرته وزارة العدل اليابانية، عن زيادة ملحوظة في عدد الجرائم المبلغ عنها خلال عام 2023، حيث ارتفع العدد بأكثر من 100 ألف جريمة ليصل إلى 703351 جريمة، مسجلًا ثاني زيادة سنوية على التوالي بعد عقود من الانخفاض المستمر في معدلات الجريمة. وشكلت جرائم السرقة النسبة الأكبر، حيث بلغت 483695 حالة، أي ما يعادل نحو 70% من إجمالي الجرائم. ووفقًا للتقرير، فإن سرقات المتاجر والمنازل والدراجات الهوائية سجلت ارتفاعًا واضحًا، خاصة في المناطق الحضرية الكبرى مثل طوكيو وأوساكا. كما زادت حالات النشل والسرقة الإلكترونية، مما يشير إلى تغير في أساليب الجريمة مع التطورات التكنولوجية.
أما جرائم العنف، فقد شهدت زيادة مقلقة، حيث سُجلت 912 جريمة قتل، بارتفاع 59 حالة عن العام السابق، إلى جانب بعض الحوادث المرتبطة بالجريمة المنظمة. كذلك، ارتفع عدد جرائم السطو إلى 1361 حالة، بزيادة 213 حالة، وهو ما يعكس حاجة ماسة لتعزيز الإجراءات الأمنية في الأماكن السكنية والتجارية. كما برزت جرائم الاحتيال باعتبارها من أسرع الجرائم نموًا، حيث بلغت 46011 حالة، بزيادة 8083 حالة عن عام 2022. وشملت هذه الجرائم عمليات الاحتيال المالي، والاحتيال عبر الهاتف والإنترنت، وانتحال الهوية. ووفقًا للسلطات، فإن كبار السن كانوا الفئة الأكثر استهدافًا من قبل شبكات الاحتيال، حيث تم استغلالهم في عمليات نصب متطورة عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي.
ويعزو الخبراء هذه الزيادة في الجرائم إلى عدة عوامل، من بينها التحديات الاقتصادية مثل ارتفاع تكاليف المعيشة والتضخم وضعف الين الياباني، مما أدى إلى تزايد الجرائم بدوافع مالية، بالإضافة إلى توسع استخدام التكنولوجيا، حيث أصبحت الهجمات الإلكترونية وعمليات الاحتيال عبر الإنترنت أكثر انتشارًا وتعقيدًا. كما أن تراجع عدد أفراد الشرطة مقارنة بزيادة عدد السكان المسنين يضع ضغوطًا إضافية على قوات الأمن.
أمام هذا التصاعد، دعت الحكومة إلى تعزيز التدابير الأمنية من خلال زيادة أعداد الدوريات الأمنية في المناطق المعرضة لارتفاع معدل الجرائم، وتوسيع نطاق المراقبة بالكاميرات الذكية في المدن الكبرى، وتعزيز حملات التوعية، خاصة بين كبار السن، لتجنب عمليات الاحتيال الإلكتروني، إضافة إلى تعزيز التعاون الدولي لمكافحة الجرائم الإلكترونية العابرة للحدود. وتعكس هذه الإحصاءات تصاعد التحديات الأمنية في اليابان، مما يجعل من الضروري اتخاذ تدابير شاملة وفعالة لضمان استقرار المجتمع وسلامة المواطنين، مع التركيز على الابتكار في مكافحة الجريمة وتطوير وسائل حماية حديثة تتناسب مع التغيرات الاجتماعية والتكنولوجية.
وفيما يتعلق بالاعتقالات، ارتفع عددها بسبب الجرائم الجنائية بنحو 19200 حالة ليصل إلى 269550 حالة، في أول زيادة تُسجَّل منذ عام 2004. وشمل ذلك 12479 اعتقالًا بسبب الجرائم الإلكترونية، و8232 اعتقالًا بسبب انتهاك قانون مكافحة القنب، في ظل انتشار تعاطي الماريغوانا بين الشباب، وكلاهما يمثل رقمًا قياسيًا جديدًا. كما تم تسجيل 7212 اعتقالًا بسبب الاحتيال المتخصص، بزيادة 572 حالة على أساس سنوي. وأشار الكتاب الأبيض إلى أن حالات الاحتيال عبر الإنترنت أو الهاتف غالبًا ما تنطوي على مجموعات جريمة ”توكوريو“ المنظمة بشكل فضفاض، والتي تعتمد على هياكل تشغيلية غير تقليدية تجعل من الصعب على السلطات ملاحقتها.
ورغم هذه الزيادات، فقد انخفض معدل الاعتقال بنسبة 3.3 نقطة مئوية ليصل إلى 38.3٪، مما يشير إلى تحديات متزايدة في تنفيذ القانون وملاحقة الجناة. ويعزو الخبراء هذه التغيرات إلى عدة عوامل، من بينها التحديات الاقتصادية مثل ارتفاع تكاليف المعيشة والتضخم وضعف الين الياباني، مما أدى إلى تزايد الجرائم بدوافع مالية، بالإضافة إلى توسع استخدام التكنولوجيا، حيث أصبحت الهجمات الإلكترونية وعمليات الاحتيال عبر الإنترنت أكثر انتشارًا وتعقيدًا. كما أن تراجع عدد أفراد الشرطة مقارنة بزيادة عدد السكان المسنين يضع ضغوطًا إضافية على قوات الأمن.
من بين 183269 شخصًا تم القبض عليهم في عام 2023، كان 97170 منهم من مرتكبي الجرائم لأول مرة، بينما كان 86099 من مرتكبي الجرائم بشكل متكرر. وانخفض معدل العودة إلى الجريمة بمقدار 0.9 نقطة مئوية ليصل إلى 47.0%، مسجلاً بذلك انخفاضًا للعام الثالث على التوالي بعد فترة طويلة من الزيادات المتتالية.
يعكس هذا الانخفاض في معدل العودة إلى الجريمة جهودًا متزايدة من قبل السلطات اليابانية لتعزيز برامج إعادة التأهيل والدمج الاجتماعي للسجناء السابقين، بالإضافة إلى تحسين أنظمة المراقبة والدعم بعد الإفراج عنهم. ومع ذلك، لا يزال هناك مجال لتعزيز هذه الجهود لضمان استمرار انخفاض معدلات الجريمة المتكررة وتعزيز السلامة العامة.
ارتفع عدد الأحداث (الذين تتراوح أعمارهم بين 14 و19 عامًا) الذين تم القبض عليهم بتهمة ارتكاب جرائم جنائية بنسبة 16.3%، ليصل إلى 34768 حالة. تُظهر هذه الزيادة ارتفاعًا مقلقًا في مشاركة الشباب في الأنشطة الإجرامية، مما يستدعي تعزيز الجهود الوقائية والتربوية لتوجيه هذه الفئة العمرية نحو المسارات الإيجابية.