أخبار
في قديم الزمان كان أباطرة اليابان في “مصاف الآلهة”، وها هم ينضمّون إلى إنستغرام
في عام 1926، عندما اعتلى الإمبراطور الياباني هيروهيتو العرش الإمبراطوري، كان يحظى بتبجيل الملايين من الشعب الياباني كأنه إله حي.
بعد حوالي 100 عام، أصبحت العائلة الإمبراطورية اليابانية – أقدم ملكية مستمرة في العالم – تتمتع بمظهر مختلف تماماً.
وكان حفيده الإمبراطور ناروهيتو قد تعهد بإدخال العائلة المالكة في البلاد إلى العصر الحديث عندما تسلّم السلطة من والده قبل خمس سنوات.
والآن، اتخذت العائلة المالكة خطوة محددة للغاية لمواكبة القرن الواحد والعشرين: اعتباراً من يوم الإثنين، أصبحت العائلة موجودة على تطبيق إنستغرام.
وتأتي هذه الخطوة بعد حوالي 15 عاماً من ظهور أفراد العائلة المالكة في بريطانيا لأول مرة على وسائل التواصل الاجتماعي.
“ربما كان اليابانيون آخر عائلة ملكية بارزة لم تنخرط بشكل كامل في العصر الرقمي”، يلاحظ محلل وسائل التواصل الاجتماعي أندرو هيوز.
لكنها كانت خطوة لا مفر منها. وقد أوضحت الأسرة رغبتها في التعامل مع الأجيال الشابة والبقاء على صلة بهم. وبالنظر إلى أن هؤلاء الأشخاص لا يحصلون على المحتوى بشكل متزايد إلا من خلال هواتفهم، فيتعين على الأسرة أيضاً الاتصال بالإنترنت.
ولكن بالنسبة لأولئك الذين يأملون في الحصول على لمحة أكثر واقعية عن الحياة اليومية للعائلة الإمبراطورية، فإن الـ48 ساعة الماضية، منذ إنشاء حساب @kunaicho_jp، قد تخيّب آمالهم.
بونساي والكثير من الانحناء
“عندما سمعت أنهم أنشأوا حساباً على إنستغرام، قمت بفحصه بسرعة. لكن بالطبع لن ينشر الإمبراطور صورة لغداء اليوم (مع رمز القلب) أو أي شيء من هذا القبيل”، كما كتب أحد المعجبين على الإنترنت.
في الـ70 صورة وخمسة مقاطع فيديو التي تم تحميلها على حساب الأسرة الإمبراطورية حتى الآن، يظهر بشكل رئيسي الإمبراطور ناروهيتو والإمبراطورة ماساكو وابنتهما الوحيدة المحبوبة على نطاق واسع، ولية العهد البالغة من العمر 22 عاماً، الأميرة أيكو.
لكنها ليست صفحة تكشف عن ملاحظات شخصية أو تأملات أو حتى صور أكثر صراحة للعائلة المالكة.
حتى الآن، تعد نبرة صفحة الصور رسمية جداً. إنها مجرد جولة على الواجبات الملكية في الأشهر القليلة الماضية: مناسبات الظهور العامة، وزيارات المتاحف، ومواقع الزلازل، والاجتماعات في المضافات مع أفراد العائلات المالكة من دول الأخرى. وهناك بعض من نبات البونساي والكثير من الانحناء. كما يظهر منشور احتفالي بعيد ميلاد الإمبراطور والإمبراطورة جالسين على طاولة منخفضة، يبتسمان للكاميرات.
يبذل المؤثّرون على إنستغرام جهوداً كبيرة لتنظيم المظهر العام لصفحتهم – من أجل كسب المتابعين الجدد المحتملين في لمحة واحدة من خلال علامة تجارية متماسكة وسهلة للعين، تكون ذات جمالية محددة.
ويبدو أن أفراد العائلة المالكة اليابانية لديهم واحدة أيضاً. وهي مزيج من اللونين البيج والرمادي.
“منشورات الحساب مملة للغاية، نفس نوع الصور التي يشاركونها في البيانات الصحفية”، يقول جيفري هول، محاضر الدراسات اليابانية في جامعة كاندا.
لا تزال التعليقات المرافقة للصور، المكتوبة باللغة اليابانية فقط، حتى الآن، مجرد ملخصات واقعية للحدث الذي يظهر في الصور. لا تتوقع توقيعاً غير رسمي على الاسم الأول أو أي تأملات شخصية من الإمبراطور.
وبينما استغلوا وظيفة “الستوريز” – الأداة التي يستخدمها عادة مستخدمو إنستغرام لنشر ومضات متفرقة من حياتهم – يبدو حتى الآن أن مسؤولي الأسرة الإمبراطورية يستخدمونها فقط لعرض المواد المصورة الإضافية لصور المناسبات.
ويقول هول: “لا أعتقد أن المسؤولين المحافظين في وكالة رعاية القصر الإمبراطوري لديهم أي نية لتوفير تجربة تفاعلية أو مسلية لمتابعيهم على إنستغرام”.
رقابة مشددة
وبشكل حاسم، منع حساب العائلة التعليقات، وهو اتجاه ناشئ في عالم الشركات، كما يلاحظ محللو وسائل التواصل الاجتماعي.
“إن ذلك يوقف أي ضرر للعلامة التجارية من أولئك الذين يدافعون عن قضاياهم الخاصة، ويقومون بمصادرة التعليقات… وتمييع المحتوى بشكل أساسي والإضرار بالعلامة التجارية”، كما يقول هيوز الذي يدرس الإعلان والتسويق في الجامعة الوطنية الأسترالية.
“قد يغيرون هذا الأمر، لكنني لا أتوقع ذلك لأنه سيفتح عليهم عشاً من الدبابير وقد رأوا كثياراً ما يحدث من الأمثلة الخارجية مع العائلات المالكة الأخرى.”
وفي حين أن العائلة المالكة اليابانية قد تظهر لأول مرة على الإنترنت بعد 15 عاماً من عائلة وندسور، فإن الضجة التي أثيرت حول صورة معدلة بالفوتوشوب لأميرة ويلز وعائلتها في الأشهر الأخيرة، ستكون بالتأكيد حاضرة في ذهنهم.
على أي حال، يعود عرش الأقحوان ونسبها إلى آلاف السنين، وهو بيت ملكي لم يرغب في تلويث نفسه بوسائل التواصل الاجتماعي لأكثر من عقد من الزمان.
ويقول هيوز: “لنتوقع سردية ومحتوى ضيقاً ومحدوداً للغاية حيث تريد العائلة المالكة اليابانية تعزيز صورة علامتها التجارية المحافظة والآمنة. لن يكون هناك أعمال على غرار “سبير” (“الاحتياطي”: السيرة الذاتية للأمير هاري) أو أي دراما ناتجة عن استخدام الفوتوشوب”.
ويشير أيضاً إلى أن اليابانيين لديهم علاقة مختلفة قليلاً مع أفراد العائلة المالكة – أكثر تبجيلاً وأكثر احتراماً.
“لا يحتاجون إلى تقديم محتوى ثابت في البداية، بل يحتاجون فقط إلى تعزيز دقيق للعلامة التجارية وتقليل الذكاء الاصطناعي والمعلومات المضللة والمعلومات الخاطئة من خلال التحكم في ما يتم إصداره ومناقشته. بالنسبة لي، هذه إدارة ذكية للعلامة التجارية”، يقول هيوز.
وبينما طالتهم في الماضي فضائح الصحف الصفراء، عملت الأسرة الإمبراطورية بجد للحفاظ على نظافة العائلة المالكة – إلى حد كبير، لا يزال ينظر إليها من قبل الجماهير اليابانية على أنها قدوة أخلاقية.
وتعد الأميرة أيكو محبوبة على نطاق واسع لدرجة أن 80 بالمئة من السكّان يرغبون في تغيير قواعد الوريث الذكر. وقد نشرت عن وظيفتها في الصليب الأحمر في اليوم التالي لإنشاء الصفحة على إنستغرام.
واستخدمت العائلة لإيصال رسالتها القنوات الإعلامية التقليدية والتصوير الفوتوغرافي والصحف ومنذ فترة مييجي (تحديث البلاد) البرامج التلفزيونية والمجلات الأسبوعية.
“ومع ذلك، غالباً ما تم استخدام هذه الوسائط لتعزيز صورتها الإيجابية والبعيدة بدلاً من تعزيز الألفة مع الجمهور”، كما يقول ماسافومي مودن، محاضر الدراسات اليابانية في الجامعة الوطنية الأسترالية.
ويبدو أنه مع إنستغرام، تواصل العائلة هذه الاستراتيجية.
قد تشجع وسائل التواصل الاجتماعي على اللقطات المقربة، لكن بالنسبة للعائلة المالكة اليابانية، فإنهم راضون عن البقاء بعيدين.
المصدر : بي بي سي