بحلول عام 2040 ستواجه اليابان أزمة صحية واجتماعية متمثلة في زيادة حادة في حالات الخرف والضعف الإدراكي بين كبار السن. تحذيرات تقديرات وزارة الصحة والعمل والشؤون الاجتماعية تشير إلى أن واحدًا من كل سبعة مسنين قد يواجه هذا المرض الصعب بحلول ذلك العام، مما يستدعي استجابة فعّالة لتوفير الرعاية والدعم اللازم. هذه الزيادة المتوقعة تأتي نتيجة للتغيرات الديموغرافية الكبيرة التي تشهدها اليابان، حيث يعتبر المجتمع الياباني من أسرع المجتمعات شيخوخة في العالم. حيث تشير التوقعات المستقبلية الصادرة عن وزارة الصحة والعمل والشؤون الاجتماعية إلى زيادة كبيرة في عدد المسنين المصابين بالخرف بحلول عام 2040. وفقًا لهذه التقديرات، سيصل عدد الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 عامًا والمصابين بالخرف إلى 5.84 مليون شخص، بزيادة قدرها 1.41 مليون شخص مقارنة بعام 2022. بمعنى آخر، واحد من كل 7 مسنين سيواجه هذا المرض الصعب. . هذه الأرقام المقلقة تعني أن واحدًا من كل ثلاثة مسنين سيعاني من نوع ما من التدهور الإدراكي.
هذه الأرقام ليست مجرد إحصاءات، إنها إنذار واضح للمجتمع بضرورة الاستعداد لمواجهة هذه الأزمة الصحية والاجتماعية. يجب علينا التفكير في كيفية توفير الرعاية والدعم لهذه الفئة المتزايدة من السكان. إن رفع مستوى الوعي بالخرف وتقديم الدعم للأسر والمصابين أصبح أمرًا ملحًا. كذلك، ينبغي تطوير برامج تدريبية متقدمة لمقدمي الرعاية الصحية لتمكينهم من التعامل بكفاءة مع هذه الحالات المتزايدة.
ومن المتوقع أن يرافق هذا التحدي الصحي ارتفاع في تكاليف الرعاية الصحية والاجتماعية، مما سيضع ضغوطًا كبيرة على النظام الصحي والاقتصاد الوطني. وبناءً على هذه التوقعات، بدأت الحكومة اليابانية في اتخاذ خطوات استباقية لمواجهة الأزمة المحتملة. تشمل هذه الخطوات تعزيز برامج الفحص المبكر والتشخيص، وتوسيع نطاق الخدمات الصحية المنزلية والمجتمعية، وزيادة التدريب والدعم للمرافقين والرعاة الصحيين.
بالإضافة إلى ذلك، تسعى اليابان إلى الابتكار في استخدام التكنولوجيا لدعم كبار السن الذين يعانون من الخرف. يشمل ذلك تطوير تقنيات جديدة مثل الروبوتات المساعدة، وأجهزة تتبع الصحة الذكية، وتطبيقات الهواتف الذكية المصممة لتحسين جودة الحياة للمرضى وتخفيف العبء على الأسر والمجتمع. تهدف هذه الجهود إلى خلق بيئة داعمة وشاملة تسهم في تحسين نوعية حياة المسنين وتخفيف الضغط عن النظام الصحي.
أجرى فريق من الباحثين دراسة شاملة خلال العامين 2022 و2023، مستهدفين أربع مناطق في اليابان: ناكاجيما في محافظة إيشيكاوا، وآما في محافظة شيماني، وناكاياما في محافظة إهيمه، وهيساياما في محافظة فوكوكا. استهدفت هذه الدراسة السكان الذين تزيد أعمارهم عن 65 عامًا، وتمت من خلال تشخيصات دقيقة أجراها أطباء متخصصون.
من خلال البيانات التي تم جمعها، قام الفريق بتقدير نسبة انتشار مرض الخرف والضعف الإدراكي البسيط (MCI) على مستوى اليابان. تعتبر هذه الدراسة الأولى من نوعها التي تقدم تقديرًا مستقبليًا لهذه الحالات الإدراكية، ما يسهم في فهم أوسع لهذه المشكلات الصحية وتخطيط استراتيجيات أفضل لمواجهتها في المستقبل.
وتكشف الدراسة عن علاقة وثيقة بين التقدم في العمر وزيادة معدلات انتشار مرض الخرف. تتوقع الدراسة أن يشهد المستقبل زيادة ملحوظة في عدد الفئات العمرية ذات النسب المرتفعة من الخرف والضعف الإدراكي. بحلول عام 2050، من المتوقع أن يصل عدد كبار السن المصابين بالخرف إلى حوالي 5.87 مليون شخص، ما يمثل 15.1٪ من كبار السن، في حين يُتوقع أن يبلغ عدد المصابين بالضعف الإدراكي البسيط حوالي 6.31 مليون شخص، بنسبة 16.2٪.
ومع استمرار الزمن حتى عام 2060، تشير التقديرات إلى زيادة عدد المصابين بالخرف إلى حوالي 6.45 مليون شخص (17.7٪)، بينما سيظل عدد المصابين بالضعف الإدراكي البسيط ثابتًا تقريبًا عند 6.32 مليون شخص (17.4٪). هذه الأرقام تعكس الحاجة الملحة إلى استراتيجيات صحية واجتماعية لمواجهة التحديات المستقبلية المرتبطة بارتفاع معدلات الخرف والضعف الإدراكي بين كبار السن في اليابان.
مجموعة بحثية أخرى نشرت في عام 2012 أن معدل انتشار الخرف كان 15٪، لكن في هذا البحث الحالي لعام 2022، انخفض معدل الانتشار إلى 12.3٪. البروفسور توشيهارو نينوميا من جامعة كيوشو، الذي قاد هذا البحث، أشار إلى أن انخفاض معدلات التدخين، وتحسين إدارة الأمراض المزمنة مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري، وتغير الوعي الصحي يمكن أن تكون أسباباً محتملة لكبح تقدم التدهور الإدراكي.