أخبار

عباقرة جائزة نوبل للحماقة العلمية… هل يصبح مذاق الطعام أكثر ملوحة عند إضافة شحنات كهربائية له؟!

25Shares

اختراع غير متوقع من خلال ”التذوق الكهربائي“ البديهي بين العلماء

لقد أصبح المنتج الذي يجعل الطعام قليل الملح أكثر لذة ودون استخدام التوابل على وشك أن يتم طرحه للبيع في الأسواق. واسم ذلك المنتج هو ”الملح الكهربائي“. حيث يتم تمرير تيار كهربائي ضعيف لا يؤثر على جسم الإنسان من خلال أدوات الطعام ليجعلنا نشعر أن مذاقه أكثر ملوحة. ومن المتوقع أن يكون من السهل تقليل كمية الملح في الطعام، ومنع الأمراض المرتبطة بنمط المعيشة الناجمة عن الإفراط في تناول الملح.

من المتوقع أن يسهل هذا المنتج تقليل كمية الملح في الطعام، مما يساهم في منع الأمراض المرتبطة بنمط المعيشة الناجمة عن الإفراط في تناول الملح. في سبتمبر/أيلول 2023، تم تسليط الضوء على البحث الأساسي الذي يقف وراء تقنية الملح الكهربائي، وتم اختياره للحصول على ”الجائزة العلمية للتغذية“ في جائزة نوبل للحماقة العلمية.

يعبر السيد مياشيتا هومي الأستاذ في جامعة ميجي عن مشاعره حيال هذا التكريم، حيث يقول: ”بدأ البحث في عام 2010، وبصراحة، كنت مندهشًا عندما تلقيت اتصالًا يفيد بحصول البحث على الجائزة. شعرت أنه تم تقدير البحث الذي قمت به قبل 13 عامًا“.

شارك الأستاذ مياشيتا في حفل توزيع جوائز نوبل للحماقة العلمية الذي أُقيم في متحف معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في الولايات المتحدة في شهر نوفمبر/تشرين الثاني. يقول الأستاذ مياشيتا ”كنت قلقًا من أن يكون الفائزون بالجائزة صعبي المزاج وغريبي الأطوار، ولكنني أُعجبت بمدى جديتهم وبراعتهم في التواصل“.
شارك الأستاذ مياشيتا في حفل توزيع جوائز نوبل للحماقة العلمية الذي أُقيم في متحف معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في الولايات المتحدة في شهر نوفمبر/تشرين الثاني. يقول الأستاذ مياشيتا ”كنت قلقًا من أن يكون الفائزون بالجائزة صعبي المزاج وغريبي الأطوار، ولكنني أُعجبت بمدى جديتهم وبراعتهم في التواصل“.

وتستذكر السيدة ناكامورا هيرومي الأستاذة المشاركة الخاصة في جامعة طوكيو الدافع وراء قيامها بذلك البحث قائلة ”في ذلك الوقت، كنت طالبة في مختبر الأستاذ مياشيتا، وكنت مهتمة بـ ”لوحة التحكم باستخدام اللسان“، حيث يمكن القيام بعمليات الإدخال والإخراج في الأجهزة الإلكترونية مثل أجهزة الحاسوب باستخدام اللسان. وكان تطوير نظام إدخال المعلومات في الأجهزة الإلكترونية باستخدام اللسان يسير على قدم وساق. وعندما تحدثت مع الأستاذ مياشيتا عن رغبتي في إجراء بحث من شأنه أن يوفر ردود فعل (مُخرجات) من خلال المذاق، مثل ما إذا كان الإدخال قد تم بشكل صحيح أم لا، خطرت لي فكرة استخدام ”التذوق الكهربائي“.

الأستاذة ناكامورا هيرومي (صورة مقدمة من الأستاذة ناكامورا)
الأستاذة ناكامورا هيرومي (صورة مقدمة من الأستاذة ناكامورا)

يشعر الإنسان بالمذاق عند قيام الخلايا التي تُسمى مستقبلات حاسة الذوق في اللسان باستشعار المواد الذوقية، مثل الحلاوة والحموضة والملوحة وغيرها، ومن ثم تقوم تلك الخلايا بنقل التأثير إلى الدماغ كإشارات كهربائية. ولكن في الواقع يمكن الشعور بالمذاق ليس فقط عن طريق الطعام، بل أيضًا عن طريق تمرير الكهرباء عبر اللسان.

وقد تم القيام بأبحاث حول التذوق الكهربائي من الماضي، وتم توظيف تلك الأبحاث بشكل رئيسي في المجال الطبي، كما هو الحال في ”اختبارات التذوق الكهربائي“ للتحقق من درجة اضطراب حاسة الذوق. بالمقابل، يواصل الأستاذ مياشيتا والأستاذة ناكامورا أبحاثهما في اتجاه خلق تجارب تذوق جديدة باستخدام التذوق الكهربائي.

وتقول الأستاذة ناكامورا ”من خلال التجارب المتكررة، وجدنا أن مذاق الطعام يمكن أن يتغير بسرعة باستخدام التحفيز الكهربائي. فإن كان الأمر كذلك، فبدلًا من أن تقتصر الأبحاث على ”استجابة اللسان“، اعتقدنا أن البحث عن التغيرات في مذاق الطعام نفسه سيكون أكثر متعة لعدد أكبر من الناس، لذلك قمنا بتغيير اتجاه أبحاثنا“.

وعندما قاما ببدء هذا البحث في عام 2010، نشرا ورقة بحثية تقترح أنه ”يمكن تغيير الطريقة التي ندرك بها المذاق باستخدام عيدان تناول طعام أو مصاصات عصير تمر عبرها كهرباء ضعيفة“، وكان هذا البحث هو البحث الفائز بجائزة نوبل للحماقة العلمية.

وكانا أول من اقترح نظامًا يقوم بإرسال تحفيز كهربائي إلى اللسان من خلال الطعام، بدلًا من ملامسة اللسان مباشرة بالأقطاب الكهربائية، أي نظام لتمرير تيار كهربائي عبر الطعام.

ويقول الأستاذ مياشيتا ”لقد تبين لاحقًا أنه عند استخدام الطرق التي تعتمد على الطعام، فإن تأثيرات التحفيز الكهربائي تتجاوز مجرد تحفيز مستقبلات التذوق. فالأيونات ذات الشحنات الموجبة والسالبة في الطعام تتحرك، مما يؤدي إلى حدوث المزيد من الظواهر المعقدة. وعندما علمت بذلك الأمر اعتقدت أن ”هذا سيؤدي إلى اختراع كبير يتحكم في المذاق. وأن مستقبل الطعام سيتغير“.

التطبيق العملي للملح الكهربائي

لقد واصل الأستاذ مياشيتا الاهتمام بـ ”نواة الاختراع“ هذه بعناية، وقام في عام 2019 ببدء بحث مشترك حول التذوق الكهربائي مع شركة كيرين.

وكما يقال كثيرًا، فإن تناول الشعب الياباني للملح مرتفع للغاية. ومع ازدياد وعي الناس بالصحة، يتبنى عدد متزايد من الأشخاص نظامًا غذائيًا قليل الملح، ولكن لا يزال هناك عدد كبير من الأشخاص الذين يشعرون بعدم الرضا. لذلك، تعاونت شركة كيرين مع الأستاذ مياشيتا لتطوير طريقة لتقليل الملح مع جعل الطعام لذيذًا باستخدام التذوق الكهربائي.

وقد تقدمت الأبحاث بسلاسة، وفي عام 2022، تم تطوير تقنية جديدة تستخدم التذوق الكهربائي لزيادة ملوحة الأطعمة قليلة الملح بنسبة 50% تقريبًا. وظهر الملح الكهربائي كمنتج يحتوي على هذه التكنولوجيا.

وعاء وملعقة الملح الكهربائي (صورة مقدمة من شركة كيرين)
وعاء وملعقة الملح الكهربائي (صورة مقدمة من شركة كيرين)

هناك نوعان للملح الكهربائي، الأول على شكل وعاء والثاني على شكل ملعقة. فعلى سبيل المثال، نقوم بوضع الرامن قليل الملح في الملح الكهربائي الذي على شكل وعاء. وبعد ذلك، عندما نقوم بتشغيل الكهرباء في الوعاء وتناول الطعام كالمعتاد، يتبين أن الرامن الذي كان من المفترض ألا يكون مالحًا قد أصبح لذيذًا وذا مذاق قوي كالخيال.

والمبدأ الأساسي وراء حدوث ذلك هو أنه عند تمرير تيار كهربائي عبر أواني الطعام، تتجمع أيونات الصوديوم الموجودة في الطعام على اللسان، مما يؤدي إلى الشعور بملوحة أقوى. وأيونات الصوديوم الموجودة في الطعام والتي تعطيه مذاقًا مالحًا لها شحنة موجبة. ولذلك يمكن تحريكها بالتيار الكهربائي.

ويقول الأستاذ مياشيتا ”ليس عليك إضافة الملح، وكل ما تحتاجه هو ”إضافة الكهرباء“. وسيصبح مذاق الطعام كما لو أنك قمت برش الملح فوقه. بل إنه يزيد النكهة ويجعله أكثر لذة، لذلك أستخدمه أنا أيضًا“.

من أين أتت الفكرة؟

حتى الآن، كان من المتعارف عليه أن ”الذوق يُولد من التناول“. ولكن، عند استخدام الملح الكهربائي، فإنه يمكن تذوق الملوحة بشكل جيد دون الحاجة إلى تناول الكثير من الملح. أي أنه يمكن الفصل بين الذوق والتناول. وقد قام الأستاذ مياشيتا بتجربة تشبه المبدأ الأساسي لهذه الفكرة عندما كان في المدرسة الابتدائية.

ويقول الأستاذ مياشيتا ”لاحظت أنه عندما كنت أضغط على جفني أثناء الدرس، كنت أرى نقاطًا سوداء على الجانب الآخر. واعتقدت أنه سيكون من المثير للاهتمام إذا تمكنا من إظهار الحروف بدلًا من النقاط فقط، لذلك قمت بـ ”تجارب“ مختلفة لتجربة الضغط على الجفن“.

وتحدث هذه الظاهرة لأنه عندما نقوم بالضغط على الجفن، فإنه يتم تطبيق ضغط على مقلة العين، مما يحفز المستقبلات البصرية على شبكية العين، الأمر الذي يؤثر على مجال الرؤية. وظل الأستاذ مياشيتا الذي كان طفلًا يتساءل مستغربًا عن السبب، وتوصل في النهاية إلى هذه الفكرة.

ويضيف قائلًا ”من خلال تلك التجربة، بدأت أفكر أنه ”حتى لو اختفى الضوء من هذا العالم، فمن الممكن توليد الضوء“. وحتى لو لم نقم بتوليد ”ظاهرة“ الضوء، فإنه يمكننا ”تجربة“ الشعور بالضوء عن طريق تحفيز المستقبلات التي تستشعر الرؤية“.

بمعنى آخر، لقد فهم أن هناك حدودًا بين ”العالم الإدراكي“ الذاتي مثل حاسة البصر والذوق والشم التي تتولد من خلال المستقبلات الحسية ومعالجة الدماغ، وبين ”العالم المادي“ الموضوعي مثل المادة والطاقة. وأدى هذا الإدراك في فترة الطفولة إلى قيام الأستاذ مياشيتا لاحقًا بأبحاث في وسائط التذوق والتذوق الكهربائي.

توسع حاسة التذوق

تشير وسائط التذوق إلى التقنيات التي تستخدم تكنولوجيا المعلومات لتحويل حاسة الذوق إلى بيانات وإيصالها إلى الناس، على غرار وسائط العرض مثل التلفاز الذي يقوم بإيصال الصور. ويُعد التذوق الكهربائي والملح الكهربائي من هذه الوسائط، وقد أجرى الأستاذ مياشيتا أبحاثًا مكثفة على وسائط التذوق هذه.

ومن النتائج الأخرى التي نجح الأستاذ مياشيتا في تحقيقها تطوير جهاز ”TTTV“، وهو جهاز يقوم بتغيير مذاق الطعام إلى مذاق معين. ويمكن لأحدث جهاز تم الإعلان عنه في عام 2023 تغيير مذاق النبيذ الأبيض إلى النبيذ الأحمر، أو تغيير مذاق الشوكولاتة الرخيصة إلى مذاق الشوكولاتة الفاخرة، أو تغيير مذاق الحليب إلى مذاق كروكيت كريمة السرطان، مما يجعل من الممكن للأشخاص الذين يعانون من حساسية القشريات تذوق مذاق السرطان بشكل آمن.

وفي عام 2016، أعلنت الأستاذة ناكامورا عن ”شوكة التذوق الكهربائي“ التي تستخدم التذوق الكهربائي لتجعلنا نشعر بالملوحة. وفي العام نفسه، حصلت ”مجموعة أطباق الطعام الخالي من الملح“ التي يتم تناولها بتلك الشوكة على جائزة التميز في ”مهرجان الفنون الإعلامية لهيئة الثقافة“ الذي يقوم بتكريم الأعمال الإعلامية المتميزة. ومنذ ذلك الحين، واصلت العمل على تطوير التحفيز الكهربائي عبر الجلد الذي يمكن تطبيقه على الجلد، واكتسبت علاقة أخرى مع الأستاذ مياشيتا، مما أدى إلى توسيع إمكانيات التذوق الكهربائي.

وتتحدث الأستاذة ناكامورا عن أبحاثها المستقبلية قائلة ”يُعد التذوق الكهربائي مساعدًا للأشخاص الذين لديهم قيود غذائية مثل تقليل تناول الملح. وأعتقد أيضًا أنه يحتوي على عنصر ترفيهي يخلق تجربة جديدة لتناول الطعام. والآن بعد أن أصبح الكثير من الناس قادرين على معرفة التذوق الكهربائي بفضل الحصول على جائزة نوبل للحماقة العلمية، أرغب في نقل جاذبيته جيدًا ونشره بشكل أكبر“.

ولدى الأستاذ مياشيتا أيضًا أحلام كبيرة للمستقبل يتحدث عنها قائلًا ”إذا تمكنا من إعادة خلق كل الأذواق على جهاز الحاسوب، فسنكون قادرين على تذوق ما نريد دون القلق على صحتنا. وأيضًا، إذا تمكنا من جعل مذاق الطماطم الناضجة أكثر من اللازم طازجًا مرة أخرى، فسيكفينا التفكير بتاريخ انتهاء الاستهلاك دون القلق بشأن تاريخ انتهاء الصلاحية، لذلك سنتمكن من تقليل الهدر في الطعام. وتستمر أهدافي في التوسع، لذلك سأواصل العمل على تطوير وسائط التذوق بشكل يومي بتشجيع من الحصول على هذه الجائزة“.

جهاز إضافة النكهات TTTV3 (يسار)، وجهاز إضافة النكهات المثبت على الزجاجة TTTVin (يمين)، وأدوات إضافة النكهات على شكل ملعقة وشوكة قيد التجربة (أمام) المصممة من قبل مختبر مياشيتا.
جهاز إضافة النكهات TTTV3 (يسار)، وجهاز إضافة النكهات المثبت على الزجاجة TTTVin (يمين)، وأدوات إضافة النكهات على شكل ملعقة وشوكة قيد التجربة (أمام) المصممة من قبل مختبر مياشيتا.

(النص الأصلي باللغة اليابانية، صورة العنوان الرئيسي: الأستاذ مياشيتا الفائز بجائزة نوبل للحماقة العلمية في علم التغذية خلال تواجده في حفل أُقيم بحضوره في متحف معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 2023،

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق