أخبار

«شونتو»… تعرف على مفاوضات رفع الأجور السنوية في اليابان

مفاوضات رفع الأجور الربيعية في اليابان، المعروفة أيضًا باسم شونتو”春闘“ باللغة اليابانية، وتعني حرفيًا ”القتال الربيعي“، هي عملية مفاوضات جماعية سنوية بين النقابات العمالية وإدارات الشركات. هذه المفاوضات تركز بشكل أساسي على رفع الأجور، ولكنها قد تشمل أيضًا مطالب أخرى متعلقة بظروف العمل، مثل تحسين بيئة العمل، تقليل ساعات العمل، وغيرها من القضايا المتعلقة بحقوق العمال ورفاهيتهم.

بدأت هذه الممارسة في عام 1955، في فترة كانت اليابان تشهد فيها نموًا اقتصاديًا سريعًا بعد الحرب العالمية الثانية. منذ ذلك الحين، أصبحت مفاوضات الربيع حدثًا سنويًا مهمًا في الحياة الاقتصادية والاجتماعية لليابان، وهي تعكس العلاقة بين العمال وأصحاب العمل، وتظهر الديناميكيات الاقتصادية السائدة في البلاد.

المفاوضات تجري عادة بطريقة منظمة جدًا، حيث تبدأ النقابات العمالية بتقديم مطالبها في بداية العام، ثم تتبعها فترة من المناقشات والمفاوضات مع إدارات الشركات. يتم إعلان النتائج عادة في أواخر الربيع، وتتضمن الاتفاقيات التي تم التوصل إليها بشأن الأجور وأي تغييرات في ظروف العمل.

نجاح هذه المفاوضات يعتمد على عدة عوامل، بما في ذلك الوضع الاقتصادي للشركة والاقتصاد الوطني بشكل عام، قوة النقابات العمالية، ومدى استعداد الشركات للتفاوض. على مر السنين، شهدت هذه المفاوضات تحولات وتحديات مختلفة، مع تغير الظروف الاقتصادية والاجتماعية في اليابان.

تلعب مفاوضات رفع الأجور الربيعية دورًا حاسمًا في تحديد مستويات الأجور وظروف العمل في اليابان، وهي تشكل مثالًا بارزًا على نظام المفاوضات الجماعية في البلاد.

وكما يوضح موقع رينغو الإلكتروني، نظرًا لأن العديد من الشركات اليابانية لديها سنوات محاسبية تمتد من 1 أبريل/ نيسان إلى 31 مارس/ آذار من العام التالي، يتمتع شهرا فبراير/ شباط ومارس/ آذار في اليابان بأهمية خاصة بالنسبة للمفاوضات الجماعية بين النقابات العمالية وإدارات الشركات، حيث تُعتبر هذه الفترة ذروة مفاوضات رفع الأجور الربيعية المعروفة باسم ”شونتو“.

ونظرًا لأن سنوات المحاسبة لدى الشركات اليابانية تمتد من 1 أبريل/نيسان إلى 31 مارس/آذار من العام التالي، فإن المفاوضات تجري في هذه الفترة للتوصل إلى اتفاقيات تتعلق بزيادة الأجور وتحسين ظروف العمل للسنة المالية القادمة.

تعتبر هذه المفاوضات حاسمة جداً للعمال والشركات على حد سواء، حيث يسعى العمال إلى تحسين أوضاعهم المالية والعملية، بينما تسعى الشركات إلى الحفاظ على استقرارها المالي والإنتاجي. وتُعتبر مفاوضات ”شونتو“ من أهم الأحداث السنوية في الحياة الاقتصادية والاجتماعية في اليابان، وتلقى اهتمامًا كبيرًا من قبل وسائل الإعلام والمجتمع بشكل عام.

رئيسة اتحاد نقابات العمال الياباني (رينغو) يوشينو توموكو تلقي خطابًا في منتدى إدارة العمل في 24 يناير/كانون الثاني 2024، في تشيودا، طوكيو. (© جيجي برس)
رئيسة اتحاد نقابات العمال الياباني (رينغو) يوشينو توموكو تلقي خطابًا في منتدى إدارة العمل في 24 يناير/كانون الثاني 2024، في تشيودا، طوكيو. (© جيجي برس)

تعود جذور ”مفاوضات رفع الأجور الربيعية“ في اليابان إلى عام 1955، حيث كانت فترة بعد الحرب العالمية الثانية مباشرة وتميزت بنمو اقتصادي وتوسع صناعي كبير. خلال هذا الوقت، اجتمعت منظمات صناعية رئيسية شملت قطاعات مثل السكك الحديدية، تعدين الفحم، والآلات الكهربائية للتفاوض جماعيًا على مطالبهم خلال الربيع. كانت الفكرة من وراء هذا الاجتماع الجماعي هي تعزيز قوة النقابات العمالية من خلال العمل الموحد، مما يزيد من قدرتها على المساومة مع الإدارات.

أوتا كاورو، الذي كان رئيسًا للمجلس العام لنقابات العمال في اليابان (Sōhyō)، لعب دورًا محوريًا في تأسيس هذا النظام. كان Sōhyō منظمة نقابية كبيرة وقوية في اليابان حتى تم حلها في عام 1989، والذي بعده تأسس رينغو. مقارنة أوتا للتحديات التي تواجه العمال عند المفاوضات الفردية مع الشعور بالأمان الذي يأتي من التعاون والمسير معًا كمجموعة، تظهر أهمية الوحدة والتضامن بين العمال في مواجهة الإدارة.

هذه الفلسفة والممارسة لها تأثير كبير على علاقات العمل في اليابان، حيث أصبحت ”مفاوضات رفع الأجور الربيعية“ مكونًا ثابتًا وحيويًا في الحوار الاجتماعي بين النقابات العمالية وأرباب العمل، مؤكدة على قوة التعاون والتفاوض الجماعي في تحقيق تحسينات للعمال.

”تركز “مفاوضات رفع الأجور الربيعية” في اليابان بشكل كبير على زيادة الأجور للعمال. هذه الزيادة تنقسم إلى قسمين رئيسيين: زيادة الراتب الأساسي والزيادة السنوية في الأجر. كل من هذين العنصرين له دوره الخاص وتأثيره على الاقتصاد والمجتمع.

زيادة الراتب الأساسي تعني تحسين الأجر الأساسي للموظفين عبر جميع المستويات والمجالات داخل المنظمة، مما يؤدي إلى ارتفاع الهيكل الإجمالي للأجور. هذا النوع من الزيادة يمكن أن يكون له تأثير كبير على تكاليف العمالة للشركات، حيث يزيد من التكاليف الثابتة المتعلقة بالأجور. في الاقتصاد الأوسع، زيادة الراتب الأساسي يمكن أن تعزز القوة الشرائية للعمال، والتي بدورها قد تحفز النمو الاقتصادي عبر الزيادة في الاستهلاك.

من ناحية أخرى، الزيادة السنوية في الأجر، التي تعتمد على عمر الموظف أو أقدميته، لا تؤدي بالضرورة إلى تغيير في المستوى العام للأجر الأساسي، ولكنها تكافئ الخبرة والاستمرارية في العمل. هذا النظام يشجع الموظفين على البقاء في شركاتهم لفترة أطول، مما يساهم في الاستقرار الوظيفي وتراكم الخبرة داخل الشركة.

ومع ارتفاع الأسعار، يصبح عنصر الأجر الأساسي محور اهتمام كبير لأنه يؤثر مباشرة على قدرة العمال على مواجهة تكاليف المعيشة. الزيادات في الأجر الأساسي يمكن أن تساعد في الحفاظ على مستويات معيشة العمال في وجه التضخم، مما يجعلها عنصراً مهماً في المفاوضات بين النقابات العمالية وأرباب العمل.

معدلات الزيادة السنوية لمفاوضات الأجور الربيعية

بالنسبة لمفاوضات رفع الأجور الربيعية عام 2024، يطالب رينغو بزيادة قدرها ”3% أو أكثر“ للأجر الأساسي وزيادة مجمعة قدرها ”5% أو أكثر“ مع الزيادة السنوية في الأجر. في ضوء النمو السلبي للأجور الحقيقية بسبب معدل التضخم المرتفع تاريخيا، عززت شركة رينغو طلبها من معدل زيادة الأجور ”حوالي 5٪“ الذي حققته خلال هجوم الأجور في ربيع عام 2023.

(النص الأصلي باللغة اليابانية، الترجمة من الإنكليزية. صورة العنوان: أحد أعضاء المجلس الياباني لنقابات عمال المعادن يكتب على لوحة بيضاء رداً على مفاوضات إدارة العمل المتعلقة بمفاوضات رفع الأجور الربيعية لعام 2023، في 15 مارس/آذار 2023،

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق