قبلة الأوتاكو في اليابان ما بين الواقع والخيال

جنة عشاق الأنمي

بعد ظهيرة أحد أيام الآحاد من شهر يونيو/ حزيران من هذا العام، تخرج بعض الشابات تجر حقائبهن خلفهن واحدة تلو الأخرى من البوابة الشرقية لمحطة إكيبوكورو ويصطفن كالنحل متجهين إلى مجمع متاجر صن شاين سيتي القريب. حيث تكون حقائبهن إما ممتلئة بأزياء الكوسبلاي (الأزياء والملابس التي تحاكي الشخصيات الشهيرة في المانعا والأنمي على وجه الخصوص والأعمال الفنية الأخرى بشكل عام) أو فارغة تحسبًا للقيام بجولات تسوقية في العديد من المتاجر المتخصصة في المنطقة هناك.

وعلى بعد خمس دقائق من محطة السكة الحديد، توجد لافتة زرقاء سماوية تعلن عن الفرع الرئيسي لمجمع متاجر ”أنيميت“، وهو مركز تجاري متخصص معروف على المستوى الوطني لمنتجات الأنمي والمانغا. حيث يضم تسعة طوابق فوق سطح الأرض وطابقين آخرين تحتها، بالإضافة إلى مسرح ومقهى، الأمر الذي يجعله أكبر متجر للبيع بالتجزئة للسلع المتعلقة بالأنيمي في العالم.

تتمتع مجموعة متاجر ”أنميت“ حاليًا بما يقرب من 120 متجرًا في جميع أنحاء اليابان، ولكن فرعها في حي إيكيبوكورو كان الأول. حيث تم بناؤه في عام 1983، وهو يقع في منطقة بحي إيكيبوكورو تُعرف اليوم باسم ”أوتومى رودو“ أو (طريق العذراء) لارتباطها بمحبي الأنمي من الإناث. وقد تزامن افتتاحه مع البث التلفزيوني لمسلسلي الرسوم المتحركة ذائعي الصيت، ”الكابتن تسوباسا“ (المعروف في الوطن العربي باسم كابتن ماجد) و”كريمي مامي الملاك السحري“، وقد توسع المتجر تدريجيًا مع ارتفاع شعبية الأنمي. وتم نقله إلى موقعه الحالي في عام 2012 واحتفل بالذكرى الأربعين لتأسيسه هذا العام بحفل إعادة افتتاح كبير بعد الانتهاء من التجديدات الرئيسية.

المركز التجاري ”أنيميت إيكيبوكورو“ المُجدد حديثًا. العديد من المشترين لا يستطيعوا الانتظار حتى العودة إلى منازلهم، بل يقوموا بفتح مشترياتهم في متنزه ناكا إيكيبوكورو، الذي يظهر هنا في مقدمة الصورة (© هانيؤكا يوري)

المركز التجاري ”أنيميت إيكيبوكورو“ المُجدد حديثًا. العديد من المشترين لا يستطيعوا الانتظار حتى العودة إلى منازلهم، بل يقوموا بفتح مشترياتهم في متنزه ناكا إيكيبوكورو، الذي يظهر هنا في مقدمة الصورة (© هانيؤكا يوري)

يقع متجر ”أنيميت“ في جزء من حي إيكيبوكورو الذي يضم عددًا من المرافق الثقافية، بما في ذلك ”مركز توشيما المدني“، الذي يقع بجوار المتجر. وفي عام 2020، تم افتتاح ”هاريزا“، وهو مبنى يضم ثمانية مسارح حيث يمكن مشاهدة عروض الـ كابوكي وتاكارازوكا والأفلام وغيرها من العروض الفنية العامة. ويعد المرفق جزءًا من مشروع التخطيط الحضري لتحويل المنطقة إلى مركز عالمي للفنون والثقافة يتم تنفيذه من خلال شراكة بين الجهات العامة والخاصة. وقد كانت التجديدات التي شملت متجر ”أنيميت“ جزءًا من هذا المشروع.

وفي أي يوم من أيام الأسبوع، تمتلئ المنطقة بالنساء من جميع الأعمار الذين يرتدون باروكات ملونة وأزياء الكوسبلاي ويحملون ”حقائب إيتا“، وهي حقائب يد مزينة بشكل كثيف بأزرار وشارات لشخصيات الأنيمي المفضلة لديهم. والآن أصبح متنزه ناكا إكيبوكورو، الذي كان في السابق مكانًا يحاول فيه الباعة جذب الزبائن للمتاجر الأقل شهرة في المنطقة، مكانًا لتجمع محبي المانغا والأنيمي لعرض أحدث مشترياتهم والتباهي بها. لقد شهدت المنطقة تحولًا جذريًا على مدار العشرين عامًا الماضية لدرجة أن الكثيرين يتحدثون مازحين عن قيام الأوتاكو بتنظيف منطقة إيكيبوكورو.

يعتبر كل طابق في متجر ”أنيميت إيكيبوكورو“ مخصصًا لأنواع مختلفة من المنتجات، بدءًا من المنتجات السمعية والبصرية مثل الأقراص المدمجة (CDs) وأقراص الفيديو الرقمية (DVD) وصولًا إلى السلع المميزة بشخصيات الأنمي والمانغا. ويُعتبر الطابق الأخير، الذي يقع في الطابق الثالث، واحدًا من أكثر الأقسام شعبية بين المتسوقين الإناث، حيث يشغل ما يقرب من أربعة أخماس مساحته القصص المصورة ورويات ”الغرام بين الفتيان“، وهو نوع من الأعمال التي تدور قصصه حول العلاقات الغرامية بين الذكور وتستهدف جمهور القراء من الإناث.

وعادةً ما يتم تخصيص نوعية مثل هذه القصص في أركان منعزلة في المكتبات العامة، ولكنها تُعرض في أماكن مفتوحة في متجر ”أنيميت“، مما يتيح للزبائن البحث عن مبتاغاهم دون الشعور بالخجل.

ووفقا لإحدى صديقاتي في الثلاثين من عمرها فإن مثل هذه القصص أصبحت”متعددة الثقافات“ بشكل أكبر في السنوات الأخيرة. وبالتأكيد، أصبحت الأعمال الأجنبية تشتهر هي الاخرى بشكل متزايد في اليابان، كما يتضح مع زيادة الطلب على أعمال مثل الدراما التايلاندية المحببة ”توغيزير“ أو ”سويًا“ وكتب الصور وقصص الأنمي للرواية الصينية ”مو داو زو شي“ أو ”سيد السحر الشيطاني“. فمثل هذه القصص التي بدأت أولاً كمتعة سرية بين النساء اليابانيات، أصبحت الآن ظاهرة ترفيهية واسعة النطاق جميع أنحاء آسيا.