أخبار
البيوت المهجورة في اليابان تكشف التقلص السكاني السريع
يمكن العثور عليها في كل مكان؛ في القرى والمدن، وفي أرقى الأحياء وأكثرها ركوداً. وقد أصبحت «البيوت المهجورة»، في اليابان، ظاهرة تقلق السلطات، في وقت وجدت فيه الغِربان والقرود ملاذاً في تلك المنازل. وينظر الأطفال الصغار عبر بواباتها ويتخيلون أن أشباحاً بالداخل. والبيوت المهجورة أصبحت رمزاً غامضاً للتغير الاجتماعي في واحد من أغنى المجتمعات في العالم.
لقد انتشرت المنازل المهجورة أو«أكيا» كما يطلق عليها في اليابان، مثل العفن، في السنوات القليلة الماضية. وفي المرة الأخيرة التي أجرت فيها الحكومة إحصاءً، قبل خمس سنوات، أحصت 8.5 ملايين منزل غير مسكونة، في جميع أنحاء البلاد، أي 13% من الإجمالي. وهناك شوارع، في غرب طوكيو، تم فيها التخلي عن كل المنازل، تقريباً.
وتضاعف العدد في جيل واحد. ووفقاً لتقرير صادر عن معهد «نومورا» للأبحاث، فإن ثلث المنازل اليابانية ستكون غير مأهولة، بحلول عام 2038، ما لم يتم هدمها. ومن السهل فهم الظاهرة في البلدات والقرى الصغيرة في الريف. وهناك الأزمة الديموغرافية في اليابان – كبار السن الذين يعيشون لفترة أطول، في حين لا ينجب الشباب أطفالاً – في أشد حالاتها. وهناك المزيد من المجتمعات في المناطق الريفية حيث يتقدم الجميع في السن.
لقد انتقل أطفالهم إلى المدن الكبرى، والممتلكات التي يتركونها وراءهم عندما يموتون ليس لها قيمة تذكر. وغالباً ما تكون كلفة هدم منزل قديم متهالك أكثر من قيمة إعادة بيع الأرض التي شيد عليها. وبالنسبة للورثة، فإن ترك المكان القديم دون رعاية، أرخص من التعامل مع كل العناء. ولكن من الصعب فهم سبب انتشار البيوت المهجورة في أغنى مدن اليابان.
يوجد في مقاطعة سيتاجايا، بالعاصمة، أكثر الأحياء المرغوبة في العاصمة، ولكنه يضم أيضاً 50 ألف منزل مهجور، أكثر من أي بلدية أخرى في اليابان. وفي بعض الأحيان يكون هناك سبب واضح: المنزل في مكان شديد الانحدار، على سبيل المثال، أو يمكن الوصول إليه فقط من خلال الأزقة الضيقة التي يصعب قيادة السيارة من خلالها. ولكن المشكلة لها جذورها أيضاً في التاريخ والطابع الغريب لسوق العقارات اليابانية.
وصُممت منازل ما قبل الحرب لتدوم، مع توقع أنها ستكون موطناً لعائلة لأجيال عدة. وبعد أن دمر القصف الجوي المدن، كانت الأولوية لتوفير المساكن بكميات كبيرة، وتم إهمال الجودة. ولم يكن من المتوقع أن تستمر المباني السكنية الجديدة لأكثر من 40 عاماً؛ وكانت أكثر المنازل المرغوبة جديدة. وفي اليابان، يشبه المنزل الجديد السيارة الجديدة التي تفقد الكثير من قيمتها بمجرد خروجها من صالة العرض.
حتى أواخر الثمانينات من القرن الماضي، كان من الممكن الاعتماد على الأرض التي بُني عليها المنزل لرفع القيمة، ولكن بعد ذلك انفجرت فقاعة الملكية بشكل مذهل. وفي اليابان، لم يكن شراء منزل هو الاستثمار القوي كما كانت عليه الحال في بريطانيا، على سبيل المثال. وبالنسبة لأولاد الوالدين المتوفين حديثاً، يمكن أن يكون منزلهم المتداعي في أحد أزقة طوكيو الضيقة، عبئاً أكبر من كونه مكسباً.
حق الهدم
المنازل المهجورة مُعدية؛ إذ إن مجموعة من البيوت غير المأهولة تؤثر على قيمة ما حولها. وفي المقابل، تفرض بعض الإدارات المحلية ضرائب على الممتلكات المهجورة، وتحتفظ بحق هدمها إذا لزم الأمر. ومع هذا، لا يمكنها فعل ذلك، في الوقت الجاري، إلا مع الهياكل على وشك الانهيار.
ولكن جوهر المشكلة غير قابل للحل، فسكان اليابان يتقلصون. ومنذ عام 2008، خسرت البلاد أكثر من مليوني شخص. والبيوت المهجورة هي أشباح بلد لم يعد موجوداً، وعلامة واضحة على تقلص لا رجعة فيه.
8.5 ملايين منزل غير مسكونة في اليابان، أحصتها الحكومة في 2018.
وفقاً لتقرير صادر عن معهد «نومورا» للأبحاث، فإن ثلث المنازل اليابانية ستكون غير مأهولة، بحلول عام 2038، ما لم يتم هدمها.
المصدر : الإمارات اليوم