هناك عدد كبير من المساجد الكبيرة والصغيرة في اليابان يصل عددها إلى حوالي ٨٠ مسجداً. يتربع جامع طوكيو على عرش هذه المساجد من حيث التصميم والمساحة حيث يتسع إلى ما يقرب من١٢٠٠ مصلي . يتناول هذا المقال جامع طوكيو ذائع الصيت الذي تم بناءه على الطراز العثماني القديم.
لمحة عن تاريخ الإسلام في اليابان
كانت معرفة اليابانيين عن الإسلام في الماضي فقيرة جداً، فقد اقتصرت معلوماتهم على الترجمات القادمة من الكتب الصينية وغيرها من الكتب الأوروبية. ولم يحدث أي اتصال مباشر بين اليابان والبلاد الإسلامية حتى عام ١٨٩٠ حينما رست إحدى السفن التركية على أحد شواطئ اليابان بغاية أداء تحية عسكرية للأمير أكيهيتو الذي قام بزيارة الأستانة (إستنبول حاليا) في وقت سابق، ولكن السفينة تحطمت في طريق العودة على مقربة من محافظة واكاياما، ومات معظم من طاقمها، فأرسلت اليابان إحدى سفنها التي حملت الناجين من الباخرة التركية إلى الأستانة وكان هذا أول اتصال رسمي بين الإسلام واليابان. وفي أعقاب الحرب العالمية الأولى، افتتح اليابانيون مفوضية بالأستانة وبدأ اتصالهم بالعالم الإسلامي، كما أرسلوا مبعوثاً لهم إلى مدينة جدة على ساحل البحر الأحمر لتوثيق العلاقات بالعالم العربي الإسلامي. وبعد اندلاع الحرب اليابانية الروسية في مستهل القرن العشرين زاد احتكاك اليابان بالعالم الإسلامي، حيث لجأ إلى اليابان العديد من المسلمين المُبعدين من روسيا وقد قام هؤلاء بعد ذلك بنشر تعاليم الإسلام في موطنهم الجديد حيث أسلم على أيديهم العديد من اليابانيين.
وفي عام ١٩٢١ شهدت اليابان وصول نحو ٦٠٠ لاجئ من مسلمي تركستان وقد كان هذا أول وصول جماعي للمسلمين حيث ساهموا في تأسيس أول مسجد وجامع في طوكيو عام ١٩٣٥. وقد ازدهر انتشار الإسلام بين اليابانيين في أعقاب الحرب العالمية الثانية، حيث اعتنق الإسلام بعض الجنود اليابانيين قبل عودتهم من البلاد الإسلامية في جنوب شرقي آسيا. وقام هؤلاء ببذل جهود فردية لنشر تعاليم الديان الإسلامي الحنيف في بقاع مختلفة من اليابان، كما تضافرت جهودهم وأسسوا الجمعية الإسلامية عام ١٩٦٠. وحالياً يتواجد في اليابان ما يقرب من ٥٠ ألف مسلم، وهذا عدد قليل جدا مقارنة مع عدد السكان الإجمالي الذي يتجاوز ١٢٧ مليون نسمة. ويقول البعض أن هذا العدد تقديري حيث لا تقوم الحكومة اليابانية بإدخال الديانات في الإحصاءات السكانية كما أن هناك العديد من المسلمين اليابانيين غير المسجلين في الجمعيات الإسلامية اليابانية.
يقع جامع طوكيو في وسط منطقة سكنية هادئة بالقرب من محطة يويوغي أُو-إهارا بالعاصمة اليابانية طوكيو. ويتميز هذا الجامع بطرازه المعماري الضخم ومنارته الشاهقة مما يميزه عن باقي الأبنية والأشكال المعمارية الأخرى بالمدينة. وقد أقيم الجامع على الطراز العثماني القديم حيث يتشابه في التصميم مع الجامع الأزرق (جامع السلطان أحمد) في اسطنبول وكذلك جامع محمد علي بمصر، وقد تحول هذا الجامع إلى تحفة فنية يزوره الكثير من اليابانيين للاطلاع على الطراز المعماري العثماني والتعرف عن قرب على الإسلام والمسلمين. وقد تم تناول جامع طوكيو في العديد من وسائل الإعلام كالمجلات والصحف في السنوات الأخيرة، ومؤخرا أصبح هذا الوقف الإسلامي معلماً شهيراً للعديد من المسلمين في آسيا الوسطى. وجدير بالذكر بانه شارك في بناء المسجد الحرفيون والمهنيون الأتراك الذي تجاوز عددهم المئة والذين تم إرسالهم خصيصاً من تركيا لإنجاز هذا الصرح المميز، حيث جلبوا معهم الكثير من مواد البناء والمفروشات. واستغرقت عملية البناء سنة واحدة تم خلالها بناء المسجد في الطابق الأعلى والمركز الثقافي في الطابق الأرضي بالإضافة إلى الزخارف والديكورات الداخلية التي أضفت على الجامع الطراز العثماني القديم وجعلت منه قطعة فنية جميلة في مدينة طوكيو.